هل نحتاج الدكتوراه لسوق العمل السعودي؟


هل نحتاج الدكتوراه لسوق العمل السعودي؟

د. يوسف النملة

الجواب في خمس نقاط:

أولاً/ المُشاهَد أن العاملين في إدارات التوظيف والموارد البشرية في القطاع الخاص لا يرغبون في توظيف الحاصلين على الدكتوراه، وبعضهم لا يرغب في توظيف الحاصلين على الماجستير، وإذا وظّفت إحدى الشركات أحد حملة الماجستير فقد توظفه بدرجة البكالوريوس اعتمادًا على سلّم الرواتب في الشركة أو لغير ذلك من الأسباب.

سبب زهد القطاع الخاص في درجة الدكتوراه أن الدكتوراه تحتاج لانقطاع لمدة ٣ أو ٤ سنوات أو أكثر على حساب الخبرة والممارسة والقرب من سوق العمل. انتهيت لهذه النتيجة – وهي رأي شخصي- من واقع تخصص في إدارة الموارد البشرية، ومن واقع عمل في تقديم الاستشارات للقطاع الخاص، ومن واقع علاقات ممتدة مع مديري الموارد البشرية. شخصيًا لم أجد بيانات شاملة يُعتمد عليها حول هذا الموضوع، والدراسات الخارجية -الأمريكية تحديدًا- تتحدث عن سياقات مختلفة.

ثانيًا/ هناك وظائف تحتاج للدكتوراه بالتأكيد، وبعضها تكون الدكتوراه شرطًا ومتطلبًا لها، وأوضح مثال لذلك العمل الأكاديمي والعمل في المنظمات البحثية والعلمية عمومًا. الدكتوراه في مثل هذه الوظائف تعني الاستمرار في المسار الوظيفي، وأظن ذلك معلومًا للقارئ الكريم.

ثالثًا/ الدكتوراه أنواع وليست نوعًا واحدًا، فهناك الدكتوراه في الفلسفة، والدكتوراه المهنية، والشائع عندنا هو الدكتوراه في الفلسفة PhD، وهناك أنواع من الدكتوراه المهنية مثل:

Doctor of Business Administration (DBA)

Doctor of Education (EdD)

Doctor of Nursing Practice (DNP)

Doctor of Psychology (PsyD)

Doctor of Public Health (DrPH)

الدكتوراه المهنية أقرب من الفلسفية لسوق العمل في القطاع الخاص؛ لارتباط برامجها بالممارسة والعمل في التخصص، ووزارة التعليم لا تبتعث للدكتوراه المهنية، ولكن تعترف بها اذا صدرت من مؤسسة تعليمية موصى بها في الدرجة والتخصص، وإدارة معادلة الشهادات الجامعية في الوزارة تعادل الدكتوراه المهنية بما يعادل البكالوريس وليس الدكتوراه. هذا الموجود في موقع الوزارة، ولكن هل هناك استثناءات؟ ربما، حسب رغبة الجهة التي تبتعث.

رابعًا/ الملاحظ أن بعض مَن يسعون للدكتوراه الفلسفية وهم خارج الحقل الأكاديمي والعلمي ليس لهم مساهمات علمية تُذكر، وإنما كان غاية طموح بعضهم الحصول على الدرجة، متجاهلين أن الدكتوراه الفلسفية رخصة علمية للانطلاق في عالم البحث العلمي، فأي معنى لدرجة الدكتوراه إذا لم يُقدّم حاملها مساهمات علمية رصينة وأصيلة؟ لا أفهم حرص بعض الممارسين والعاملين في القطاع الخاص على تجميل أسمائهم بدرجة علمية ليست مهنية، مع الإخلال بمتطلباتها المستقبلية مثل النشر العلمي!

خامسًا/ أكرمني الله تعالى أثناء دراسة الماجستير بعمل بحث حول الثقافة العربية ومدى تأثيرها على التوظيف والأداء الوظيفي في أوساط الموظفين العرب في أستراليا، ووسّعت البحث في الدكتوراه فشمل الموظف المسلم في أستراليا، وكان من نتائج البحث أن الحرص على الشهادات العليا ثقافة منتشرة عند العرب أكثر من غيرهم، ويبقى السؤال المهم: هل انعكس ذلك على قوتهم وتأثيرهم في سوق العمل في دول مثل أستراليا وأمريكا؟

ليس بالضرورة، فتقييم الموظف في هذه الدول يكون بالدرجة الأولى حسب قوة اللغة الإنجليزية، والمهارات الخاصة بالوظيفة، والذكاء العاطفي، وغير ذلك مما هو ملامس لواقع سوق العمل ملامسة مباشرة. والله الموفق

أضف تعليق